سعيد موفقي
"سرديّة السّيرة والرّحلة"، موضوع النّدوة الخامسة التي نشّطها الأستاذ خالد عبد السّلام مساء هذا اليوم 24 فيفري 2018 بمكتبة نورة بن يعقوب، بحاسي بحبح، وقد حضرها جمهور من الكتّاب والمبدعين والأكاديميين والباحثين، وبمشاركة ضيفين كريمين مبدعين من مدينة عين وسارة، القاص قدور بن مريسي صاحب مجموعة "تيودورة" والشاعر عبد الحميد غانم صاحب ديوان "بلاغات".
تعرّض المداخل إلى جملة من المفاهيم السّردية التي تنضوي تحتها كثير من النّصوص وخصّ بالذكر أدبيّ "السيرة والرّحلة" من النّص إلى الفنّ، وباعتبارهما عملين مقاربين للحكي واعتمادهما السّرد أسلوبا ماتعا ومشوّقا، إذ يجمع كلّ منهما بين الأدب وبين التّاريخ، على الرّغم من اختلاف وجهات نظر كثير من الدّارسين والنّقاد والباحثين الغربيين خاصّة، بدءا من قواعد الحكي إلى موضوعيّة التناول، وهي مسألة قديمة نسبيا بالمقارنة مع القصّة والرّواية والمسرحيّة، ويرى بعضهم أنّ السّيرة منجزا ذاتيا، يتفرّد بخصوصيّة عرض الواقع وتجنّب الخيال إلى حدّ كبير بالمقارنة مع التاريخ الذي يشترط الموضوعيّة والحيادية كما أشار إلى ذلك ابن خلدون وكثير من الاجتماعيين، من العرب والغربيين، ويشكّل أدب الرّحلة أحد المنجزات القديمة، نشأة وموضوعا، على اعتبار حضوره كان ممارسة قبل التفكير في تجنيسه كما يعتقد بعض النّقاد، وفي هذا الصّدد أثيرت جملة من الإشكالات التي تتعلّق بمعياريّة "نصّ السيرة" أو "نصّ الرّحلة"، إذ تعتبر فكرة كتابة السيرة عملا ذاتيا، الهدف منه ما تحصل به من فوائد للمتلقي، وما يذكره صاحب السّيرة عن نفسه، والأمر يختلف عن عما يكتبه عن غيره، ومن هنا جاء التنوّع في أدب السّيرة، كونها ذاتيّة وموضوعيّة، كما يعتمد السّرد الخطاب بضميرين مختلفين، عادة "ضمير الأنا و"ضمير الهو"، وهي تقنيّة فنّيّة أكثر منها علميّة، تلامس الواقع من الوجهة التوثيقيّة الجماليّة. أمّا أدب الرّحلة فيقارب العمل التاريخي من حيث توثيقه للمكان ومتغيّراته وتفاصيل الظواهر البشريّة والطبيعيّة والكونيّة في حدود النظر والمشاهدة والسّماع وحتى القراءة، وهو عمل تحكمه جغرافيا العلاقات الطبيعيّة والاجتماعيّة والحضاريّة، عادة بطلها جماعة، تشترك في صياغة الرّواية، من المشافهة إلى التدوين.
وأضاف النّقاش في آخر النّدوة كثيرا من التوضيحات، ورفع اللّبس عن بعض الإشكالات الأدبيّة، وما تعلّق بعمليّة الانتساب والتصنيف للأدبين ضمن المدوّنة الأدبيّة وشروط التوصيف الفنّي وواقعيّة المشاهد والأحداث ودورهما في المنظومة الإنسانيّة.
وفي الأخير أتحفنا الأستاذ علي بن خذير بقصيدتين باللّغة الفرنسيّة ثمّ عرّبهما، وهما قصيدتان قد نال بهما جائزة المرتبة الرّابعة في إحدى المسابقات، أعجب بهما الجمهور وصفّق له بحرارة مع التهنئة.وبهذه المناسبة نوجّه جزيل الشكر إلى الجميع على الحضور والمشاركة والإثراء والإضافة الفاعلة، كما ننوّه بالمجهود الذي بذله الأستاذ عامر خذير وطاقم إدارته الممتاز وعمال المكتبة الذين وقفوا إلى جانبنا طيلة النّدوة لإنجاحها، بارك الله في الجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق